عين الجبال وقلب رفاق دربه.. سيد افران

لم يشير الرفيق سيد افران إلى درب النضال فحسب بل سار عليه، وكان رفيقاً مخلصاً لذلك النضال المتواصل والذي ينمو ويكبر في كل يوم.

لقد عاش سيد افران حياة هادفة ومليئة بالمعاني، ونقش كل لحظة من الحياة في قلبه.

يُعتبر الرفيق سيد افران مسافراً في درب النضال والحرية، وكانت مشاركة معرفته وخبراته مع زملائه هي فلسفته في الحياة، ولم يكتف افران بتوديع رفاق دربه من الشهداء، وإنما كرس قلمه في الكتابة عنهم حتى أنفاسه الأخيرة، وتحدث عن ذكرياتهم ولحظاتهم النضالية بقلبه الكبير، وكان هدفه من النضال والحياة هو توريث ما يكتبه للأجيال القادمة.

وأما بالنسبة لرفاقه العاملين في المجال الصحفي، كان الرفيق سيد افران يتحدث لهم باستمرار عن دور وأهمية الصحافة الحرة وما واجهته من التحديات حتى وصلت إلى ما عليه من المستوى، وكما كان يستذكر شهداء الصحافة الحرة وكل الشهداء مع رفاقه الصحفيين.

إن الإرث الذي تركه لنا رفيقنا سيد افران واجب علينا وعلى رفاقه وعلى كل الكردستانيين حمايته ومواصلة الدرب الذي سار عليه.

كنا نسمع عن اسمه كثيراً، كان الرفيق سيد افران يتحدث عن كل لحظة في حياة الشهيد هوزان الذي (استشهد في 8 حزيران 2020).

فقد هوزان ساقيه في الحرب ولكن أصبح سيد افران سنداً حقيقياً لرفيقه، لم يكن يحمل ثقل جسد هوزان فقط، بل تقاسم الآلام معه وحتى أصبح جزءاً من أفراحه، كما بقي هوزان معه وكأنه عاش دهراً بجانبه، كان هوزان واحداً من مئات الآلاف الأشخاص الذين كانوا محور اهتمام واعتناء للرفيق سيد افران.

وعلى الرغم من أننا التقينا مؤخراً، إلا أننا تقاسمنا الكثير لأول مرة في عام 2021، وأدركت في ذلك الوقت أن الشيء المهم ليس العدد، بل المهم هو ترك بصمة في المجتمع، وكان الرفيق سيد افران واحداً منهم.

كان يتقاسم سيد افران ما عنده من فكر وثقافة مع جميع رفاقه، ولم يتوقف عن النضال للحظة وكان يكافح كل يوم وكان جريئاً في تقيماته وتحليلاته وخدم النضال بقلبه المخلص، وكما كان مثابراً في نضاله. لم يستمع فقط، ولم يقيّم فقط، بل سجل كل لحظة بكاميرته ووثق  كل لحظة للتاريخ. عاش افران في السباق مع الزمن في نضاله، ولم يقل ما إذا كان العمل صغيراً أم كبيراً، كان ثوريا مجتهداً يقوم بكل عمل، وكرس نفسه في البحث عن الحقيقة، وعلم الكثيرين من خلال تقديمه للدروس العملية، أي أنه لم يبقى في المجال النظري فقط، بل كان دائما في الميدان التطبيقي، والأهم من ذلك أنه علم الناس التقاسم ما في قلوبهم، لقد كان عضواً بارزاً في نضال الحرية للشعب الكردي.

لقد اتفقنا سوياً على أننا سنعد الأخبار معاً، حينها قال: "إن قصة حياة كل مناضل من مناضلي شعبنا الوطني كبيرة جداً لدرجة أن الرواية لا تكفيه، أحياناً تكتبها وسألتقطها بكاميرتي، وأحياناً أكتبها وأنت تلتقطها بالكاميرة"، ولكن الظروف لم تسمح لنا ولم نتمكن من تحقيق وفعل ذلك.

كان رحيلك مفاجئاً، لقد كتبت بقلمك عن حقيقة المقاومة والنضال في أعالي الجبال والمدن، بنورك سنتابع روايتك، إن قولك "أحياناً قلمنا يحل محل سلاحنا، وأحياناً سلاحنا يحل محل كل ما لدينا" سيرشدنا إلى الطريق الصحيح، وكما قلت سنبقى بصحة جيدة.